الاثنين، 6 أبريل 2009

خاتمة لون


وعدتكم يوما بأنني سأضع بين ايديكم نصا كتبته في كرهي للون الأبيض ، وها انا اليوم أفي بوعدي ..

ملاحظة مهمة :

لقد كتب هذا النص في 2001 ، وقد عبرت فيه بوضوح صادم عن مقتي " للأبيض" ، والذي أراه الآن تطرفا . فمشاعري الآن أكثر إتزانا.وأقول " للأبيض" : انا لست متطرفة اليوم ، وأتقبل وجودك في حياتي ، وأعجب بك في بعض الأحيان . وهذه القصة بكل مافيها من الماضي ، ولا بأس من تذكره أحيانا ، لنكون أكثر إتزانا متجاوزين مطبات وقعنا بها في الماضي .


*******


مقدمة : وجهة نظر غير قابلة للتغيير!

اذا كان اللون الأبيض ..مزيجا متجانس لسبعة ألوان ، وكان لكل لون رمزه الخاص ..أحمر ( للحب) أصفر ( للغيرة) أخضر( إسترخاء وسلام) أزرق (صفاء حالم) برتقالي ( إشتعال لا ينطفئ) والبقية يمكنكم اختيار معان لها نيابة عني .. وكما تعلمون فإن جمع ألوان الأطياف السبعة ،لم يكون سوى ( الأبيض)... ولكن دعوني أسألكم ما معنى ( النقاء ) ؟!
في وجهة نظري النقي : هو الشيء الخالص الذي لم يختلط بغيره ، فكيف يكون الأبيض نقيا وهو مثخن بالألوان والرموز!!
فالواقع ،أدرك إنها مقدمه طويلة لأبرر عدم حبي ( للأبيض) ، ولكن أردت أن أوضح وجهة نظري فيه ،لعل أحدكم يوافقني.. ويقف معي ضد هذا المخادع!
لا أعلم لماذا تحبون هذا اللون ، رغم أن كل ماحولكم ناطق بتشاؤميته ، إبتداء من لون سيارات الإسعاف ، وانتهاءْ بأكفان موتاكم ، ليس لدي سوى تفسير واحد لهذا " في أعتقادي أن البشر قساة ، يظلمون الكل دوما ، يبحثون عم من يعذبهم ،ويحبون من لايحبهم ، الجميل في الأمر أنهم يحملون مقدارا لابأس به من السادية الجميلة، وأعتقد أنها السبب الأهم في حبهم .. لأبيض التشائم ، أبيض الحزن" .


" الجمال يتشح السواد "
كان" الأبيض" نائما على غيمة ، عندما أخذ يفكر بما قاله " الأسود" في تلك المحاضرة التي ألقاها البارحة ، والتي حملت عنوان" معنى الألوان بين اعتقاد الناس والحقيقة" ، وقد طرح فيها " الأسود " الكثير من من الأمثلة التي تبرهن أن جميع الألوان لها معان مستوحاة من الطبيعة ،ماعدا " الأبيض " الذي وصفه بالأناني في قصته " خاتمة لون " سوف اسردها عليكم لاحقا ، ولكن دعوني أبين لكم أن هذه المحاضرة كانت تخاطب اللون الأبيض على وجه الخصوص، وكانت شديدة التحمل عليه، فقد إبتدأ " الأسود " كلامه بالقوله " إليك ياصاحبة المعاني الجميلة ! " وقال بعدها " أن للألوان دلالات مختلفة يستشفها الفرد من الوسط المحيط ، وبذلك يكون لكل منا معنى واحد أو أكثر ، والجميل أن يكون لك معنى يخاطبك بغض النظر عن جماله وقبحه ، فهذا أمر نسبي كما تعلمون ،وابسط مثال على هذا" أنا "، فمعظم الناس يعتقدون اني لون للحزن ، ولكن هناك عدد لا بأس به يؤمن بأن( الجمال لايتشح سوى السواد ) وهؤلاء فقط يجعلوني أعتز بنفسي ، ومنحوني تلك المقدرة على الوقوف بينكم اليوم .
البشر يا أعزائي ، يبتكرون معان لكل شيء ليصبح أكثر حميمة لديهم ، ولا يهم أن كان المعنى يزيد حميمية الحب أم الكراهية !
سوف أتوقف عن تفسير البشر ،وتفسير تصرفاتهم التي تشكل إيهاما وغموضا لا يعلى عليه ، أتصدقون إنني كلما أزداد تعمقا فيهم ، أزداد جهلا ، وحيرة . وهذا مايقتل أي باحث او عالم ، ولهذا فإنني أعلن أمامكم اليوم عجزي ،وإستسلامي وبأنني قد غسلت الأيادي من ذلك الطين العجيب ، الذي احتقرته يوما كما احتقر " الأبيض " اليوم ، نعم .. اخطأت عندما ابتعدت عنكم ،أخطأت عندما فكرت بأنني أدرك الكثير عنكم ، وذهبت لأفسر جنسا آخر ، جنس عجز عن تفسير نفسه ، جنس ( كلما لمحوا فرحة التشابة ، قتلهم الإختلاف الأعظم !) .
اليوم عدت لأفسركم يا معشر الألوان ، يا أبناء جنسي الحبيب، يامن لاتقلون غرابة عن البشر ،احترت فيكم بقدر حيرتي بنفسي ، وتساءلت فيمن أستأنف به بحثي ؟! فكثرة عددكم زادت فيني حيرة ، وذكرتني بالمقولة القائلة ( كلما زاد اختيارك زادت حيرتك) ، ولكني رأيت أن أفتتح بحثي ، بأكثركم غموضا. لهذا اسمحوا لي ان اضع " الأبيض " بين يديكم مجرما .هذه الكلمة قوموا بحفظها عن ظهر قلب ، وستعلمون بعض لحظات سبب ذهولكم وغضبكم.


إليكم( خاتمة لون )

خلقت الألوان .. وتجولت في البسيطة ، وأمتزج كل منها بمن يحب وخلقوا ألوانا جديدة ، جيل جديد لم ينكر الجميل وأعترف بمبدأ الوراثة ، إلى أن أجتمعت تلك الألوان السبعة ، وأمتزجت وكونت مخلوقا غريبا وشاذا ،حاملا خيانه آبائه منذ صغره ، ذلك " الأبيض" الذي أحتقر الجميع طويلا ،الذي مشى مختالا بينكم ولم يكن سوى لقيط وضيع ، كبر وترعرع بين أبنائكم ولكنه كان بعيدا عنهم دوما ، حتى إنه لم يلعب معهم خوفا من أن يتسخ ، وتعلق بعض ألوانهم به . كان دائم العزلة يفكر بهمه الأبدي ( الخلود ) وكان يعلم أن ( المعنى ) هو وحده من يصنع ذلك .كل شيء حوله صارخ بمعناه مبررا لوجوده ، إلا هو ! فهاهو عدوه اللدود " الأحمر" يردد يوزع بعض إثارته على الفتيات من حوله ، وذلك " الأزرق " الذي يتسلل إليه كلما أغمض عينيه زارعا فيه نشوة الحلم ، وهناك " الأخضر" الذي يستل منه التعب كالسحر تماما ، قال " الأبيض " لنفسه : لقد أتيت من أجمل المعاني وأروعها على الإطلاق ، سبعة كل واحد منهم يزرع فيك رهبة المعاني بمجرد رؤيته ، ااه لن أرجع إليهم الآن ، لقد تخليت عنهم منذ البداية ، لن أعود ، سأصنع مجدي بنفسي ، وأنا على إستعداد أن أمحيهم من الوجود بأكلمه ، وأن أدفن ذكراهم معهم ،وآخذ أنا معنى كل واحد منهم ، لأخلق مجدا وخلودا لن يتكرر، سوف أكون وحدي فقط ( الأعظم والأكبر ) وحدي فقط ...
نفذ الأبيض جميع ماخطط له ، وقتلهم جميعا ، فلم يكن سوى ذلك الأناني الذي أخذ ولم يعطي ، الذي بحث له عن معنى يبرر وجوده ، فأخذ المعاني كلها ، وبقي مسخا دون معنى عقابا له !!!
تفاصيل الصورة :
تصميم وإلتقاط : مسقطية الهوى
الأثنين 6-4-2009