إلحاقا لحديثي مع هوائية بإمتياز.. و إكراما لقبولها ان ترشيني بصورة من إلتقاطها .. اضع هذا النص بين اعينكم
السادسة
حين يحين موعد الكتابة بعد كبت طويل،تربكني الورقة ويزعجني القلم،كأن بوحي تيار جاف لا أستطيع مجاراته بأدواتي.كل شيء جاهز أمامي شخوص وأكثر من حبكة وخاتمة،ولكن وحدها البداية عصية.
سأبدأ بطرح أسئلة بديهية علها تمهد درب بدايتي.
"متى بدأت الحكاية؟!
بسن السادسة،لفتاة أرهقتها الأسماء،ولن أقوم انا بتسميتها في قصتي.سأحررها لمرة،وأعلم إنها ستكون الأخيرة.
"ماذا حدث لفتاة السادسة؟"
محاولة جيدة منك أيها العقل لإستغفالي وتسميتها"بفتاة السادسة"،ولكن فلتسامحني،السادسة عقدة فتاتي وكل مافي قصتي يدور حول ملابسات هذا الرقم المشؤوم في حياتها.
أتعلم يامن تقرأ بوحي الآن بأن فتاتي تخشى السادسة منذ الصغر.فهذا الوقت المحير هو أثقل مايمكن أن يجثم على نفسها.لماذا ؟! هي لا تعلم بالتحديد ماسر هذا الفزع الغامض ،ولكني عندما سألتها،أجابتني بإسهاب ،
قائلة:" في ذلك الوقت نبضي يتسارع والخوف يسيطر علي ولا ينجلي إلا بالنوم،ورغم كوني شديدة النسيان،إلا إنني أذكر جميع تفاصيل سن السادسة بدقة،إنها أكثر مراحلي وحدة وأشدها حيرةورفضا.اليوم عندما احاول تفسير ما كان في السادسة ،أقول :
ان هذا العدد(6) يقف في منتصف أي شيء،وهذا الموضع لايساعده أبدا على إتخاذ أي قرار،فهو لايستطيع تحديد موقفه أبدا،فإذا حل في يومنا فهو ليس بصباح ولابمساء.وإن جاء كعدد فلا ترى له موقعا ثابتا في أصابع اليد.وإن جاء في أعمارنا أرهق عقولنا بأسئلته الكبيرة.وإن آتتكم الظروف كما حدث لي ،فستكبرون بسرعه!.وستحملون عقولا ضخمة على أجسادكم الصغيرة،وستعانون الوحدة،لأن مامن أحد يود مصادقة طفل برأس كبير.في هذا السن أيضا فقدت والدي،ورأيت بيتنا يضج بالناس لأول مرة.ولكن أسئلتي الكبيرة شغلتني عن الحزن وحرمني سني من معرفة الأب.
السادسة وقت يرمي بشباك الحكاية.وشبكتي أمسكت بالكثير،ولكن حين أقتربت منها هرب كل من فيها إلا "أبي" بقي ساكنا في منتصفها.كمن يقول لي :" أخترت هذا المكان لترينني ،ولتحكي لي حكاية".ولكن مالذي سأحكيه لك ياأبي ؟ وأنا التي لم تسعفها الذاكرة لإحتواء تفاصيلك.أبي يا صورة يطغى عليها البياض.بياض اللحية ،بياض العمة وبياض الثوب.وبين بياض وآخر تحضر السمرة الحارقة. حتى ما احتفظت به ذاكرتي من لون أكرهه ولكن لسمارك تقديس أحفظه.قلي ماذا أحكي لك؟! وأنت قد مت وأنا لاأدرك موتك ولا أدركك.مازلت إلى الآن أتردد،لم يسعفني سني رغم بلوغه سن رشده على إتخاذ أي قرار.لعنة السادسة يا أبي لاتزال تصب علي حممها،فيتبركن عقلي ،ولكن ما من خطوة ثابته تسكن مايثور ونضح.
يغيبك عني يا أبي الوقت ويسرقك العمر،ولا وقت للذكرى ولا وقت حتى لنحيب طال تأجيله. سألبي طلبك يا أبي بهذه الحكايةو سأحكي لك حادثة تخصك،تثبت ما أنا فيه من حيرة وتردد.
قبل أشهر يا أبي وأنا في إحدى إمتحاناتي الجامعية،أستوقفني إستاذي وأنا أسلمه أوراق إجاباته المنتظرة.وسألني :كيف هو حال الوالد؟!..سؤال رغب به إستاذي التعبير عن إهتمامه بطلابه.سؤال كان بالنسبة لي كضربة برق قاضية.وأنقسمت نصفين يا أبي .بماذا أجيبه الآن؟!ورأيت رقم الشؤم6 ،يقفز بين إجابة وأخرى.رغبت بعنف أن أوقف القفز في دماغي وأن أوقف نبضي المجهد.فقلت بسرعة توازي دفق دمي:"أنه بخير،ويبعث سلامه إليك ياأستاذي".
وغادرت قاعتي ،أتخيل صوتك وسلامك لإستاذي،وأبتسمت بشقاوة طفلة أعجبت بسرد كذبتها،وذرفت إحدى عيناي دمعة طال إنتظارها،وعيني الأخرى أتسعت بحب لخيالك المار ببطء.
هل أعجبتك الحكاية؟!،سأنتظر إجابتك بشوق ،ولكن أرجوك لاترسل جوابا عند السادسة،لكي لايقف بين(نعم) و(لا)!
17\3\2006
سأبدأ بطرح أسئلة بديهية علها تمهد درب بدايتي.
"متى بدأت الحكاية؟!
بسن السادسة،لفتاة أرهقتها الأسماء،ولن أقوم انا بتسميتها في قصتي.سأحررها لمرة،وأعلم إنها ستكون الأخيرة.
"ماذا حدث لفتاة السادسة؟"
محاولة جيدة منك أيها العقل لإستغفالي وتسميتها"بفتاة السادسة"،ولكن فلتسامحني،السادسة عقدة فتاتي وكل مافي قصتي يدور حول ملابسات هذا الرقم المشؤوم في حياتها.
أتعلم يامن تقرأ بوحي الآن بأن فتاتي تخشى السادسة منذ الصغر.فهذا الوقت المحير هو أثقل مايمكن أن يجثم على نفسها.لماذا ؟! هي لا تعلم بالتحديد ماسر هذا الفزع الغامض ،ولكني عندما سألتها،أجابتني بإسهاب ،
قائلة:" في ذلك الوقت نبضي يتسارع والخوف يسيطر علي ولا ينجلي إلا بالنوم،ورغم كوني شديدة النسيان،إلا إنني أذكر جميع تفاصيل سن السادسة بدقة،إنها أكثر مراحلي وحدة وأشدها حيرةورفضا.اليوم عندما احاول تفسير ما كان في السادسة ،أقول :
ان هذا العدد(6) يقف في منتصف أي شيء،وهذا الموضع لايساعده أبدا على إتخاذ أي قرار،فهو لايستطيع تحديد موقفه أبدا،فإذا حل في يومنا فهو ليس بصباح ولابمساء.وإن جاء كعدد فلا ترى له موقعا ثابتا في أصابع اليد.وإن جاء في أعمارنا أرهق عقولنا بأسئلته الكبيرة.وإن آتتكم الظروف كما حدث لي ،فستكبرون بسرعه!.وستحملون عقولا ضخمة على أجسادكم الصغيرة،وستعانون الوحدة،لأن مامن أحد يود مصادقة طفل برأس كبير.في هذا السن أيضا فقدت والدي،ورأيت بيتنا يضج بالناس لأول مرة.ولكن أسئلتي الكبيرة شغلتني عن الحزن وحرمني سني من معرفة الأب.
السادسة وقت يرمي بشباك الحكاية.وشبكتي أمسكت بالكثير،ولكن حين أقتربت منها هرب كل من فيها إلا "أبي" بقي ساكنا في منتصفها.كمن يقول لي :" أخترت هذا المكان لترينني ،ولتحكي لي حكاية".ولكن مالذي سأحكيه لك ياأبي ؟ وأنا التي لم تسعفها الذاكرة لإحتواء تفاصيلك.أبي يا صورة يطغى عليها البياض.بياض اللحية ،بياض العمة وبياض الثوب.وبين بياض وآخر تحضر السمرة الحارقة. حتى ما احتفظت به ذاكرتي من لون أكرهه ولكن لسمارك تقديس أحفظه.قلي ماذا أحكي لك؟! وأنت قد مت وأنا لاأدرك موتك ولا أدركك.مازلت إلى الآن أتردد،لم يسعفني سني رغم بلوغه سن رشده على إتخاذ أي قرار.لعنة السادسة يا أبي لاتزال تصب علي حممها،فيتبركن عقلي ،ولكن ما من خطوة ثابته تسكن مايثور ونضح.
يغيبك عني يا أبي الوقت ويسرقك العمر،ولا وقت للذكرى ولا وقت حتى لنحيب طال تأجيله. سألبي طلبك يا أبي بهذه الحكايةو سأحكي لك حادثة تخصك،تثبت ما أنا فيه من حيرة وتردد.
قبل أشهر يا أبي وأنا في إحدى إمتحاناتي الجامعية،أستوقفني إستاذي وأنا أسلمه أوراق إجاباته المنتظرة.وسألني :كيف هو حال الوالد؟!..سؤال رغب به إستاذي التعبير عن إهتمامه بطلابه.سؤال كان بالنسبة لي كضربة برق قاضية.وأنقسمت نصفين يا أبي .بماذا أجيبه الآن؟!ورأيت رقم الشؤم6 ،يقفز بين إجابة وأخرى.رغبت بعنف أن أوقف القفز في دماغي وأن أوقف نبضي المجهد.فقلت بسرعة توازي دفق دمي:"أنه بخير،ويبعث سلامه إليك ياأستاذي".
وغادرت قاعتي ،أتخيل صوتك وسلامك لإستاذي،وأبتسمت بشقاوة طفلة أعجبت بسرد كذبتها،وذرفت إحدى عيناي دمعة طال إنتظارها،وعيني الأخرى أتسعت بحب لخيالك المار ببطء.
هل أعجبتك الحكاية؟!،سأنتظر إجابتك بشوق ،ولكن أرجوك لاترسل جوابا عند السادسة،لكي لايقف بين(نعم) و(لا)!
17\3\2006
تفاصيل الصور :
الصورة (1) : تصميم والتقاط :هوائية بإمتياز
الصورة (2) : تصميم وإلتقاط : مسقطية الهوى
الصورتان بتاريخ 25-3-2009